العاصمة تنعي قدرها‏!

[angel_eye]

هدر القدرات والخبرات أصبح سمة تميزنا‏,‏ حتي لم نعد نستفيد من تجاربنا القديمة‏,‏ ولا من خبراتنا الموجودة‏,‏ فالقاهرة تحولت لمدينة مظلومة وعاصمة تعلوها الكآبة بسبب سياسات تخطيطية وعمرانية جنتها عليها مجموعة من السياسات العمرانية المتتالية لأن هذه السياسات لم تضع في اعتبارها العناصر الحاكمة للمدينة من سكان وأرض ووظائف وسلوك بشري‏.‏

لقد كان هناك أكثر من مخطط عمراني لحل مشاكل القاهرة‏.‏ كان هناك مخطط في‏1968,‏ وآخر في‏1982,‏ وأعيد النظر في المخطط في‏1997‏ ثم أعيد النظر فيه للمرة الثالثة‏,‏ وذلك يعود إلي أن المؤسسة المشرفة علي تخطيط القاهرة الكبري لايوجد لديها تصور واضح وأفكار واضحة للقاهرة وذلك لأن الخلاف غالبا مايكون علي شيء غير جوهري كما يقول د‏.‏ أحمد خالد علام الاستاذ المتفرغ بكلية هندسة الأزهر مخطط القاهرة الأساسي تم وضعه في‏1982‏ وهو المخطط المعمول به حتي الآن‏,‏ وتم عمل حزام أخضر حول القاهرة من الشرق وذلك حتي لاتمتد العاصمة ويزيد حجمها‏,‏ وتم ذلك من خلال انشاء الطريق الدائري لكن للاسف لم يتم انشاء هذا الطريق بالشكل الجيد الذي كان منتظرا ان ينتهي اليه‏,‏ فضلا عن ان منطقة الحزام الأخضر في شرق العاصمة تم اهماله‏,‏ بل تم زرع بدلا منه مدن جديدة مثل الشروق والقاهرة الجديدة‏.‏

ويضيف د‏.‏ علام قائلا‏:‏ اذن الخط العام المحوري سقط بفعل فاعل‏,‏ وتم الانقلاب علي كل المحافظات وتم عمل خطة أخري عام‏2000‏ تستمر لعشر سنوات يتم من خلالها مراقبة المدن وبعدها يتم اعادة المخطط حسب سير المدينة ويتم تعديل المخطط بناء علي سلوك المدينة‏,‏ وعندما اقوم بالغاء أو عنصر محوري وأضع نقيضه فأنا أشطب كل جهودي وجهود السابقين بجرة قلم‏.‏

أما الدكتور أسامة عقيل الاستاذ بكلية الهندسة جامعة عين شمس فيقول‏:‏ نحن لانستفيد من تجارب الدول الأخري أو حتي من التجارب الوطنية‏,‏ ففي نهايات القرن التاسع عشر قام البارون إمبان بانشاء مصر الجديدة والمعادي وكذلك منطقة حدائق القبة وكانت أربعة توابع حضارية قامت بها مجموعة شركات عمرانية وجاءت شركة مصر الجديدة كأحدث الضواحي وقام بربط مصر الجديدة بالترماي‏.‏ وكانت هناك منطقة عازلة من اول العباسية حتي مصر الجديدة‏.‏
وكان شروط النجاح لهذه المدن امكان الوصول السريع بين المدين الأم والمدينة التابع‏.‏

وفي المعادي كان هناك فاصل حيث توجد بركة الجيش وهي ارض البساتين الآن‏,‏ والخزانات‏.,‏ والبرك‏,‏ وعين الصيرة‏..‏ وكلها مناطق عمرانية تفصل بين المعادي والقاهرة

لكن مايحدث الآن انه لايوجد ضمانات لحماية العاصمة من هذه التوابع‏.‏ فمدينة‏6‏ التصقت بحدائق الأهرام وترعة المنصورية وانتشرت المباني علي طريق مصر الاسكندرية الصحراوي‏.‏

وكان المطلوب وضع ضمانات لتفريغ السكان من العاصمة‏,‏ وتكون الانشطة الموجودة بهذه المدن غير موجودة بالعاصمة وتوضع قواعد حاسمة ونهائية لمنع الامتدادات العشوائية‏..‏ وعلينا ان نستفيد من تجربة البارون امبان مع بدايات القرن العشرين‏.‏

لكن مايحدث انه في المخططات الحالية لايتم تأكيد علي العناصر التوفيقية وبالتالي يفقد المخطط شرعيته‏,‏ حيث لاتوجد مدينة تابعة قامت مستقلة وظلت مستقلة وكذلك لاتوجد قوانين ولامؤسسات ولااحترام للخطط‏.‏
وبنظرة واحدة للمجتمعات الجديدة نشاهد فوضي عشوائية في المخططات‏.‏

ويقول د‏.‏ سمير طاهر الاستاذ بهندسة الازهر‏:‏ إن القاهرة كان موضوعا لها ان يتم انشاء مجموعة من الشوارع الطولية والشوارع العرضية‏,‏ هذه الشوارع كان من المخطط لها ان يتم هدم عدد كبير من البيوت من خلال خطة لانشاء مساكن بديلة في اماكن افضل وبخدمات اكثر وفرة‏,‏ ويتم تعويض السكان بهذه المساكن مع نقلهم بصورة انسانية من خلال خطط مرحلية‏,‏ واعتقد ان انشاء مجموعة من المساكن البديلة علي اعلي مستوي خدمي لن تكلف الدولة شيئا امام انشائها لكوبري من الكباري الضخمة والمتعددة‏,‏ ومن خلال شبكة الشوارع الطولية والعرضية سيتم تفريغ جزء كبير من السكان من العاصمة اولا‏,‏ فضلا عن ان الشوارع ستكون الحركة والمواصلات بها اكثر حركة واكثر يسرا‏,‏ مما سيعطي حرية اكثر للمواصلات‏,‏ وتختفي حالة الاختناق‏.‏

ويضيف د‏.‏ سمير طاهر قائلا‏:‏ وعلي الدولة ان تتدارك خطأها القديم أن تشترط علي صاحب عمارة تحت الانشاء أن يتم تخصيص جراح بها جبرا حتي تصبح الشوارع للمرور وليست تستخدم كجراج‏.